الأحد

تقرير عن حياة الصحراء في الكويت (3)

ثانياً : الحياة الإجتماعية للبادية

ترتبط حياة أهل البادية الاجتماعية بحياتهم الاقتصادية ، وظروف البيئة الطبيعية التي يعايشونها، وتنحصر ثروة البدو المنتشرين في الوديان والمراعي وبخاصة في تلك الوديان التي تكثر فيها نزول الأمطار.
ويمكن تمييز طبقتين اجتماعيتين عند أهل البادية ومرتبطتين بحياة البداوة الاقتصادية ، هما طبقة الجمالة وطبقة رعاة المواشي ، وقد يصعب على من يعايش حياة البادية أن يميز بينهما من الوهلة الأولى.
ويتعامل ابن البادية مع الطبيعة بصبر وقوة ، فيتحمل حرارة الشمس المحرقة في فصل الصيف نهارا ، كما يلعب القمر دورا أساسيا في إلهاماته الفكرية والفنية ، فالقمر في الليالي المظلمة هو أنيسه ورفيقه. وتوحي رمال الصحراء لساكنيها بالتجمع ، ولكن تجمعهم يكون إلى فرقة مثل الرمال نفسها تتجمع فلا تنكر فرديتها وتتلاحق فلا تذوب.

أ - القبيلة أساس وركيزة مجتمع البادية :
ومجتمع البادية يحافظ على تقاليده وعاداته أشد المحافظة ، كما يتمسك بمعتقداته الاجتماعية والدينية.
ويعيش أبناء القبيلة في تجمعات أسرية متقاربة من بعضها للتعاون في العمل والدفاع المشترك عن أبناء القبيلة.
والتشكيلات الاجتماعية عند أهل البادية قوية ومتينة ، فخيمة شيخ القبيلة تتميز بكبر حجمها تتوسط خيام أفراد أسرته ، وإلى اليمين منها خيمة أخيه وإلى اليسار خيمة أخيه الثاني أو ابن عمه إذا لم يكن له أكثر من أخ واحد ، ثم تصطف خيام باقي أفراد القبيلة.
والقبيلة في البداية ، مظهر من مظاهر الائتلاف الاجتماعي وهي عبارة عن عدة فروع يجمعها الانتساب إلى جد واحد ، ويتفرع النسب الواحد إلى عدة فروع يتكون كل منها من آلاف الأفراد ، وتسمى الفروع بالبطون والأفخاذ والعشائر.
والبطن هو العنصر الأساسي في نظام التأسيس الاجتماعي عند البادية ، ويتفرع إلى عدد من الفخوذ. والفخوذ فرع من فروع البطن ويتراوح عددها عادة بين سبع وعشر عشائر ، والعشيرة هى العنصر الثالث في نظام التأسيس الاجتماعي البدوي . ومن هذه العناصر جميعا يتكون المجتمع البدوي.

ب – أصول ودور القبائل التي استوطنت الكويت :
كانت القرين قائمة في مكان الكويت الحالية منذ منتصف القرن السابع عشر الميلادي، ولم تكن حينذاك سوى قرية صغيرة وإليها وفدت جماعات العتوب وهم مجموعات من الأسر العربية المختلفة النسب وربما ترجع التسمية إلى الأصل الثلاثي "عتب" أى أكثر من الترحال من مكان لآخر.
وتجمع جميع المراجع على أنهم جماعات كبيرة من القبائل ترجع أصول معظمها إلى قبيلة عنزه وغيرها من نجد ، أما عنزه فهي قبيلة عربية كبيرة تنزل اليوم شمال شبه الجزيرة العربية ونجد وأطراف العراق والشام ، وينسب آل صباح وآل خليفة وغيرهم من الأسر العتبية أنفسهم إلى بطون عنزه فآل صباح ينتمون إلى جميلة ، وهي فخذ من عنزه وكانوا في الأصل ينزلون الهدار من الأفلاج في نجد الجنوبي الشرقي ، ومن هناك هاجروا إلى قطر والتي كانت تخضع لنفوذ بني خالد ثم إلى الكويت.
والروايات المحلية تفترض ثلاثة أماكن نزلها العتوب بعد أن غادروا قطر ، أما المكان الأول فهو خور الصبية ، والثاني يفترض أنهم أتوا للكويت عبر الخليج بعد أن رحلوا عن الشاطئ الشرقي ، وكان الطارد لهم القبائل العربية الأخرى النازلة ذلك الشاطئ بينما يميل آخرون للاعتقاد بأنهم أبحروا من قطر للكويت ، ومن الثابت أن العتوب لم ينزلوا الكويت دفعة واحدة فبعضها كان أسبق في الحضور من الآخر .
ومع اكتشاف النفط وبداية التغيير الكبير في الكويت بدأت الكثير من القبائل التي تعيش في بادية الكويت و البوادي القريبة منها في النزوح إلى الكويت و الاستفادة من فرص العمل المجزية في مدينتي الكويت و الأحمدي و تمت عملية اندماج كبيرة في المجتمع الحضري خلال الأربعينيات.

ج - أهل البادية وحدة اجتماعية فعالة في الكويت الحديثة :
ومع مرور الوقت أصبح أبناء البادية ، وبفضل التعليم الحديث يملأون السلم الوظيفي للدولة في معظم الميادين ، وقد إنخرط معظمهم أيضا في النهضة العلمية التي شهدتها الكويت ، دون أن يعني هذا تغييرا كبيرا وجذريا في العادات القديمة المحافظة من حيث الزواج والسلطة الأبوية والتماسك القبلي الداخلي ، وعادات وتقاليد التضامن القبلي.
هكذا شكل الحراك الاجتماعي الذي قامت به الدولة أساسا مهما لنقل القبيلة في الكويت، والتي كانت في معظم الأحيان تقطن خارج السور ، من وحدة هامشية غير مرتبطة بواقع الكويت بقدر ارتباطها بالصحراء الممتدة ، إلى وحدة اجتماعية فعالة ترتبط في نسيجها ببقية المجتمع الكويتي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق